Wednesday, March 13, 2013

قطر


قديمًا في قطر إذا أرادت الأم أن تخطب لابنها ولم تكن على معرفة جيدة بأسرة العروس كانت تذهب وتطرق باب الفتاة طالبة شربة ماء، وتعرف أم الفتاة أن الطارقة إنما جاءت في محاولة لرؤية ابنتها أو بناتها فتسمح لها بالدخول، وتحرص الأم على أن تنادي بناتها لإحضار الشاي مثلا أو الماء حتى تتأكد الزائرة من اسم الفتاة التي ترغب الأسرة في زواجها من ابنها, فهل اختلفت عادات وتقاليد الزواج في قطر قديمًا عن اليوم؟ هذا هو السؤأل .


في الماضي كان يلتقي الوالدان -والد العروس والمعرَس- ويتم الاتفاق النهائي على الدزة (الشبكة والمهر) والملجة (وهي عقد الزواج والزفاف) بعد العثور على العروس عن طريق (الخطابة) وهي امرأة محترفة اعدت نفسها للبحث على الفتيات لبيت الزوجية بإيعاز من أهل العريس مقابل أجرة مالية تتفق معها بشأنها فتشترط هذه على أهل الفتاة بعد موافقتهم أن تكون ابنتهم متقنة للخدمة المنزلية وتسمى ربة بيت أي تستطيع أن تقضي جميع لوازم المنزل وتدير شؤونه ، وعادة يتم هذا اللقاء بلا احتفال، وبعد الخطبة تحجب الفتاة عن الرجال حتى لو كانوا أقرب المقربين لها إلى يوم زفافها، إلى أن يأتي العريس ويقطف نورها, وعند الاتفاق على يوم الزفاف تقوم العروس بإعداد (الخلة) وهي الحجرة المعدة للزواج وبها يقضي العروسان ليلة الدخلة وهي الليلة الأولى للزوجين معا حيث تزين الغرفة بالمرايا وقطع الخام الملونة, وتعد الخلة في بيت العروس حيث من المقرر ان يقضي الزوج مدة أسبوع أو ثمانية أيام قبل الانتقال إلى بيت الزوجية.



وهناك في بيت الزوجية يوضع السرير في نهاية الحجرة أو الغرفة حيث يحتل مساحة كبيرة ويغطي بقماش احمر,كما تعطر الفرشة أو غطاء السرير باستمرار بالروائح العطرة مثل البخور والعود والخلطات الخاصة في (صينية) أو طبق كبير به مشموم وهو نبات عطري فواح إضافة إلى دهن العود والياسمين حيث يتم توزيع هذا المشموم المعطر بأنحاء الحجرة وخاصة تحت سرير الزوجية ليعطي جواً من الراحة أما المساحة المتبقية فتفرش بالمساند والدواشك وهي عبارة عن وسائد كبيرة مغطاه بألبسة مزركشة وملونة استعدادا لاستقبال المهنئين بالعرس.

وبعد إعلان الخطبة رسميا كان أهل العريس في السابق يحملون الشبكة (ذهب العروس ) إلى منزل العروس ، وتسمى "الدزة"، وتحتوي الدزة كذلك على مجموعة من الأقمشة والأثواب حيث يقوم الأهل من السيدات المتخصصات بتفصيل هذه الأقمشة على مقاس العروس مع تطريزها بالخيوط الذهبية والفضية إضافة إلى احتواء هذه الدزة على العطور والمطيبات الشعبية المنزلية ذات الروائح الطيبة ،ومما يوجد في الدزة ايضا "ثوب القز"، حيث تزف العروس قديما لعريسها وهي ترتدي هذا الثوب فقط ليبرز محاسنها، وهو من النسيج اليدوي الرقيق المصنوع من الحرير، كما كان المهر في المجتمع القطري عبارة عن خردة أوفكه من "النقد المعدني" فضة أو ذهبا يوضع في صرة في منديل أبيض جديد ويقدم لأهل العروس .

ويقام في هذه الليلة احتفال تدعى إليه النساء من الأسرتين وبعض الأقرباء حيث تغطى العروس بملابس خضراء تستر كل شي في جسمها ماعدا الكفين والقدمين فتكونان جاهزتين لنقش الحناء (ورق الحنة بعد ان يتم طحنه وتحويله إلى مسحوق يوضع بوعاء مع ماء الليمون الأسود المجفف ويعجن حتى يكون جاهزا للإستعمال) وتشارك النسوة والفتيات في الأحتفال ايضا فيقمن بتزين أيديهن وارجلهن تبركا لهذه الليلة, ويترافق ترديد الأناشيد ابتهاجا بهذه المناسبة بعد عملية توزيع الحناء على المدعوات بقولهن :
حناج عيين يا بنية حناج عيين ,, لي دزوج على المعرس يالج تستحين
حناج ورق يا مريم حناج ورق ,, لي دزوج على ريلج زخي بالعرق

وما أن تحل ليلة الزفاف إلا وتجد بيت العروس قد امتلأ بالمدعوات في وقت مبكر في حين أن العروس قد بوشر بتجهيزها بالملابس والحلي وكل أنواع الزينة التي صفت في غرفة زفافها, وأما المعرس فقد وجه الدعوة إلى أقربائه وأحباءه للألتقاء معهم في منزله قبل صلاة العشاء ،حيث يقوم بدعوة إحدى فرق (الرزيف) الرجالية التي ستزفة مع مدعوية إلى بيت العروسة مشياً على الاقدام بهداية المصابيح المرفوعة على أكتاف الشباب فيتحرك الموكب بعد صلاة العشاء يتقدمهم المعرس ووالده مرتديان البشت (وهو الرداء الذي يضعه الرجال في المناسبات الخاصة ) ومعهم المدعوين يليهم رجال الفرقة الذين يترنمون وأغانيهم الجذابة التي تجعل الناس تتابعهم إلى حيث يصلون.

وحال وصولهم إلى هناك تستقبلهم الفرقة النسائية مرددة بعض الابيات حتى يصل العريس إلى غرفته ويجلس مع مصطحبيه لحظات حتى يقدمون إليه التهاني ويباركون زواجه, وبانتهاء هذه اللحظات يغادر جميع الرجال المنزل بعد أن يعطروا بماء الورد والبخور تاركين(معرسهم) ، 


ثم تحمل العروس في سجادة وهو من مراسم الزفاف قديما وهو مايسمى بالجلوه (اي ان تقف النسوة في صفين متقابلين وتكون العروس جالسة في مركزالسجادة ويسمك الجميع بقماش مربع اخضر) وتزف إلى زوجها في نفس الوقت حيث تقوم والدتها بإعداد مايسمى (بالأجر) مع الخدام أوالعاملين بالمنزل حيث تذبح الذبائج ويقوم الخدم بطبخ الأكل وهو غالبا ما يكون الرز (العيش ) مع اللحم طول الليل وفي الصباح يوزع على الأهل والجيران.

وعند الفجر وقبل صلاة الصبح يطرق الباب على العروسين إعلانا لهما بان الليلة الأولى قد مضت وهي ماتسمى بالصباحية, وقبل أن يغادر المعرس الخلة(الغرفة) يضع تحت الوسادة قطعة ذهبية أو اوراقا نقدية تعبيرا على رضاه وحبه ،ويقدم كذلك وجبةالأفطار ( ريوق المعاريس) والحلويات الشعبية كالخنفروش والبلاليط والقهوة والطيب والعود .

وعند طلوع الشمس يغادر العريس حيث يستعد في المجلس لأستقبال الأهل والأصدقاء والمهنئين ويستضاف العروسان في بيت أهل العروس لمدة أسبوع وفي نهايته يأتي يوم الأنتقال حيث ينتقل المعرس بعروسه إلى بيت الزوجية.


No comments:

Post a Comment